Wednesday 26 September 2018

احسن قنوات يوتيوب تقدم لك العلوم بابسط الاشكال و احسنها

قد يتساءل المرء عند يتطرق الى سؤال علمي يتبادر الى ذهنه اي من القنوات على اليوتيوب تقدم معلومة سهلة وبسيطة ومفيدة و اصبح الجمهور يفضل اليوتيوب بما يتيحه من مجال واسع و تصفح كبير لجميع انواع الفيوهات فنقدم له الان احسن القنوات التي تمثل المعرفة بشكلها المبسط فيجد يوتيوب لنفسه مكانة عظيمة لدى محبي التعلّم، لكن الفيديوهات القصيرة (ونتحدث هنا عن مدى واسع يبدأ من 15 دقيقة -نموذج "تيد"- نزولا إلى دقيقة واحدة) هي ما تجد أكبر اهتمام بين الناس، وكلما كان عدد الدقائق أقل كان الإقبال أكثر، لهذا السبب فقد تنحّت الفيديوهات الطويلة عن نتائج البحث الأساسية في يوتيوب، وأصبحت القصص القصيرة التي لا تفي الكثير من الموضوعات حقّها هي الأكثر رواجا، خاصة في الأمور التقنية والعلمية أو الفلسفية مثلا، لهذا السبب قررنا أن نفرد هذا التقرير لمجموعة من أهم قنوات يوتيوب التي تقدم محاضرات طويلة ومهمة وممتعة في الوقت نفسه، لكنها لا تجد مكانا واسعا بين رواده، خاصة في العالم العربي.

لكن دعنا، قبل أن نبدأ في قائمتنا الطويلة، نوضح أن كاتب التقرير لا يقصد أن يقدم لك قنوات يوتيوب متعلقة بعالم المساقات، وهنا نتحدث عن مساقات جامعات عظيمة كـ "باركلي" أو "إم آي تي" أو "هارفارد" أو غيرها مثلا، والتي تقدم مساقات طويلة ومجانية لمحبي التخصص، ولكن هذه القنوات التي نقدمها، وإن كانت تابعة لبعض المؤسسات العلمية المهمة، فإنها تختص بالأساس بتقديم محاضرات طويلة يشمل كل منها موضوعا بعينه منفصلا عن المحاضرات الأخرى، كأن يتحدث براين جرين في فيزياء الأوتار مثلا، أو أن يتحدث تشومسكي في مشكلة وسائل الإعلام، أو أن يتحدث ليونارد ساسكيند في الكون الهولوجرامي. فقط محاضرة واحدة عن موضوع بعينه.
  
الآن لنوضح أن هناك ثلاثة ملامح أو شروط رئيسية اعتمد عليها الكاتب في ترشيحاته:
الأول هو أن تكون المحاضرات بسيطة، أو بسيطة بدرجة ما، بحيث يمكن لشخص عادي أو فقط مهتم أن يفهم المحاضرة كاملة أو فقط جزء منها، أما في الترشيحات الجانبية فسوف نعرض للصور الأكثر تخصصا.

الثاني -وهو الأهم- فهو أن تكون اختياراته مصادر متجددة، فهو لا يقدم فقط قناة تعرض قائمة ثابتة ومنتهية من الندوات أو المحاضرات، لكنها قنوات يمكن لك تفعيل إشعاراتها لأنها تحتوي دائما على الجديد من المحاضرات، وأهمية ذلك تنبع من ضرورة أن نتابع آخر مستجدات المعارف، خاصة العلوم.

الثالث أن تكون تلك ترشيحات الكاتب الشخصية والتي دأب على متابعتها والاستماع بما تقدم لفترة ليست بقصيرة، نقول ذلك لتوضيح أننا لا نعبّئ الروابط في تقرير فقط ونُلقي بها في وجه القارئ، بل نختار ما نقدمه بعناية، بالطبع قد توجد ترشيحات أخرى أفضل من تلك، لكنها اختيارات يعدك الكاتب أن تفيدك كثيرا.
  
غوغل يتألق في جمع محاضريه
لا شك أن بداية قوية وممتعة ستكون مع جوجل، حيث تقدم قناة "Talks at Google" بشكل دوري مجموعة ضخمة من المحاضرات التي تمتد الواحدة منها إلى نحو 50 دقيقة، كلٌّ منها يتحدث في موضوع واحد يكون المتحدث فيها هو صاحب هذا الموضوع، كأن يقدم جون سيرل موضوعا عن الذكاء والآلة، أو أن يقدم دانيال كانيمان موضوعا عن التفكير البطيء والسريع، أو سلمان خان عن التعليم المفتوح عبر الإنترنت، أو باربرا أوالكي عن "تعلم كيف تتعلم"، في الحقيقة فإن أهم ما يميز محاضرات جوجل هو محاضروها المميزون للغاية، ستلتقي بريتشارد ثيلر وسلافوي جيجك وشون كارول وغيرهم من المشاهير. المحاضرات في كل المجالات تقريبا بداية من إدارة الأعمال مرورا بالفلسفة إلى علوم الفضاء، ويجمع بينها جميعا نزوعها إلى البساطة الشديدة ومناسبتها للجميع.
  
  
من جهة أخرى فإن قناة يوتيوب أخرى تابعة لجوجل، أشبه إلى حدٍّ ما بسابقتها لكنها أقل تنوعا وأكثر تخصصا، وهي "GoogleTechTalks"، كما ترى من عنوانها فهي تختص في الأساس بموضوعات متعلقة بالجانب التقني، لكنها رغم ذلك تربطه بجوانب أخرى كالطب والفيزياء والهندسة وإدارة الأعمال والعلوم الإنسانية والقانون والتسلية والفنون، يغلب الجانب الأكاديمي على بعض تلك المحاضرات، وفي بعض الأحيان تكون صعبة لا شك على مبتدئ، لكن بالنسبة لهواة التقنية وعوالمها، خاصة محبي لغات البرمجة والحوسبة الكمومية وغيرها من الموضوعات المهمة، فإن هذه القناة ستكون لا شك محط انتباههم بشكل مستمر.
  

المعهد الملكي يبسط العلوم
الآن، دعنا ننتقل إلى إحدى أهم قنوات يوتيوب العلمية، والتي -للأسف- لا تجد إقبالا من محبي العلوم العرب. حيث يقدم المعهد الملكي لبريطانيا العظمى محاضرات منتظمة في كل جوانب العلوم تقريبا، مع اهتمام أكثر وضوحا بعالم الفيزياء، تتميز المحاضرات بأنها مبسطة، وتتناول موضوعات متنوعة، يقدمها باحثون متخصصون في مجالهم لكنهم كذلك بارعون في تبسيط العلوم، من أشهر من قدموا المحاضرات في المعهد الملكي براين كوكس الفيزيائي الشهير، وجيمي الخليلي، وشون كارول الذي تحدث عن فيزياء الجسيمات، وكارلو روفييلي الفيزيائي الشهير الذي قدم محاضرة ممتعة عن فيزياء وفلسفة الزمن، وكذلك كان ريتشارد داوكينز البيولوجي الشهير قد قدم في التسعينيات مجموعة محاضرات ممتعة عن البيولوجيا التطورية.

تُقدَّم المحاضرات بشكل رئيس إلى العامة، يعمد المحاضر إلى التبسيط قدر المستطاع، ويمكن بسهولة أن تلاحظ قدر الجهد الذي بُذل في تجهيز وتنظيم وتبسيط مادة هذه المحاضرات حينما تراها، بالنسبة لمحبي العلوم فإن هذه القناة هي كنز لا يفنى من المعارف الدسمة. إذا كنت من محبي العلوم المبسطة فإن كاتب التقرير ينصحك أن تتابعها بشكل دائم، كل محاضرة فيها هي كتاب صغير ممتع ومصوّر، فقط ابذل بعض الجهد والصبر، بعد فترة ستعتاد المحاضرات الطويلة.


"سانتا فيه" يقدم جرعة متنوعة دسمة
أما مؤسسة "سانتا فيه" بولاية نيوميكسيكو الأميركية فتحاول عبر قناتها في يوتيوب أن تعرض بشكل مستمر ما تقدمه من محاضرات للعامة أو للمتخصصين في قاعات المؤسسة، في الحقيقة تشتمل تلك القناة على قدر واسع من التنوع في صعوبة موضوعات محاضراتها، لكنها جميعا تميل إلى الجوانب العلمية والتقنية، فمثلا سوف تلفت محاضرة سِيد رندر عن العشوائية، أو محاضرة الفيزيائي الكبير ليونارد ساسكيند عن سهم الزمان، انتباهك وسوف تتعلم منها الكثير الكثير كمبتدئ، لكن القناة تعرض أيضا "سيمينارات" غاية في التخصص، لكن المميز أن مؤسسة "سانتا فيه" تقدم محاضراتها بشكل مباشر قبل عرضها على يوتيوب كمحاضرة مسجلة، وفي أثناء ذلك يمكن أن تطرح أسئلتك وسوف ينقلها المختص إلى المحاضر بعد الانتهاء، إنتاج المؤسسة غزير وسوف يصلك منها إشعارات يومية، ومحاضراتها للعامة على قدر واسع من البساطة وتستضيف محاضرين كبار في تخصصاتهم كـ ليونارد ساسكيند وشون كارول وغيرهم.
  
  
على النمط نفسه تقريبا، والذي لا يصل إلى البساطة الشديدة ولكنها بساطة تسمح للمبتدئ أو الهاوي أن يفهم ما يقال، يقدم معهد بريمتر للفيزياء النظرية محاضرات عامة ومتخصصة بشكل غير منتظم، بالطبع -كما يظهر من اسم القناة- فإن كل المحاضرات تجوب في عوالم الفيزياء، لكن الممتع أنه من حين لآخر قد تقع عيناك في الإشعارات الواردة من تلك القناة على محاضرة لحاصل على نوبل أو عالم شهير، (البساطة المذهلة في كل شيء لنيل توروك على سبيل المثال)، فتعطيك قدرا جوهريا من المتعة في ليلة شتوية، فقط تحتاج إلى القليل من الوقت كي تتكيف مع برنامج المعهد وتتفهم نمط محاضراته.
  

تليفزيون جامعة كاليفورنيا يسافر في بحار مختلفة
من جهة أخرى فإن قناة تليفزيون جامعة كاليفورنيا على يوتيوب تقدم بشكل شبه منتظم عددا كبيرا من المحاضرات التي تتشابه مع سابقتها في التنوع بين الصعوبة والسهولة، لكنها تختلف عنها في الموضوعات، حيث تميل الأخيرة إلى عرض محاضرات طبية وبيولوجية بشكل أكبر، المشكلة الوحيدة التي قد تواجهك هو برود بعض الموضوعات، مثل تهيئة المرضى للعمليات الجراحية أو أنواع الكسور، لكن من حين لآخر تصدر محاضرة ممتعة عن الحقائق والأوهام حول الشيخوخة، أو "ماذا يعني أن تخسر جائزة نوبل؟"، أو "كيف أصبحت طبيبا؟"، أو "استخدام الجينوم لتتبع الحياة"، القناة عبارة عن كنز مدفون لا يعرف الكثيرون من هواة يوتيوب العرب عنه شيئا. بالطبع ليست في قوة قناة المعهد الملكي بالنسبة للمبتدئين والعامة، لكن من حين لآخر يمكن لك أن تُمسك بمحاضرة جيدة جدا فيها.
   
  
محاضرة ساعة الغداء.. تغذي عقلك
الآن لنسافر إلى كلية لندن الجامعية (UCL)، حيث دأبت منذ العام 1942 على عادة أسبوعية ممتعة، وهي تقديم محاضرة عامة في أحد المجالات البحثية للجمهور، تتنوع بين الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والطب مرورا بعلم النفس وحتّى إدارة الأعمال وصناعة الأفلام، وسُمّيت محاضرة ساعة الغداء. تقدم المحاضرات بصورة مبسطة وممتعة، ليست من البساطة كمحاضرات جوجل أو المعهد الملكي لكنها لا شك سوف تفيدك كثيرا لو قررت التركيز قليلا فيما تقدمه، خاصة أنه من حين لآخر قد تلتقي بمحاضرات في موضوعات لا تجد الكثير من المصادر المبسطة لها على الإنترنت، كـ تأثير الهجرة، أو عصر انتهاء "كلمات المرور"، أو "هل يمكن أن تستغني عن كتفك الأيمن من أجل صحة قلبك؟".
   
  
بالطبع تعتبر تلك القائمة الأساسية التي نقدمها لك مُقصّرة للغاية في العديد من النواحي، بمعنى أنها -أولا- اهتمت بشكل أكبر بالميل إلى الجانب العلمي، ثم -ثانيا- لم تضع في الاعتبار قنوات يوتيوب كثيرة تقدم محاضرات ممتعة لكنها لا تنتظم فيها أبدا أو لأنها تقدمها ضمن أنشطة أخرى كثيرة أساسية، لقد كانت اختياراتنا بالأساس مبنية على أن تمثل تلك القنوات بداية شاهقة تصعد بك من الفيديوهات القصيرة (دقيقة إلى 15 دقيقة) إلى الفيديوهات الطويلة (أطول من نصف ساعة)، وهو مستوى آخر جديد يتطلب منك بعض الصبر لكن النتائج عظيمة.
   
  
رغم ذلك لا يمكن لنا أن نفوت قنوات مهمة كقناة مكتبة الكونجرس التي تقدم "سيمينارات" وعروض موسيقية وأدبية طويلة ورائعة، مع حوارات مهمة ونقاشات ذات كثافة ثقافية ممتعة، أو قناة جامعة ستانفورد الرائعة والتي تقدم لك محاضرات غير منتظمة لكنها غاية في الروعة، خاصة في الرياضيات والفيزياء، أو قناة مركز روتمان البحثي والتي تقدم محاضرات منفصلة لكن غاية في التخصص في مجال الفلسفة، وفلسفة العلم بالتحديد، لا يمكن أبدا أن تفوّت اشتراكا في تلك القنوات.
  
  
إحدى مزايا هذا النوع من المحاضرات التي تتخطى حاجز نصف الساعة هو أنها تعطيك صورة أكثر اتساعا عن موضوع ما، لكنها كذلك ليست طويلة كفاية لتملّ منها، يمكن تصويرها كمقدمة فقط تفتح لك الأبواب إذا كنت تود الدخول إلى موضوع بعينه، وكذلك سوف تُغنيك لا شك عن كتاب قصير مكون من 60 صفحة مثلا، بل هي أفضل منه. كذلك فإن موضوعاتها تكون غالبا مثيرة للانتباه، توسّع من أفقك وتضيف إلى الطريقة التي تدرك بها العالم، قد تكون طبيبا أو محاميا أو مهندسا لكن محاضرة عن عقل الآلة أو تحيزات البشر الإدراكية أو كيفية إنشاء عمل صغير أو الحياة خارج كوكب الأرض ستضيف لك الكثير من المتعة، والتأمل.
  

دعنا في تلك النقطة نقترح عليك خطة غاية في البساطة تقول: اقضِ 10 ساعات على يوتيوب في الشهر، فقط 10 محاضرات طويلة في عشرة موضوعات متنوعة، بمعدل محاضرة لكل ثلاثة أيام، بعد فترة قصيرة ستكتشف أنك اكتسبت كمًّا مهولا من المعارف، سيشبه الأمر أن تقرأ كتابا ضخما كل شهر، لكنه مع يوتيوب أسهل كثيرا لأن كل ما تفعله هو "المشاهدة"، كذلك يمكن أن تقوم بتحميل المحاضرات إلى قائمة يوتيوب الخاصة بك وتستمع إليها في المواصلات أو حينما تكون الرقم "421" في قائمة الانتظار بالبنك الخاص بك بينما العميل رقم "113" يقف لينتهي من إيداع مبلغ ما، يمكن لك استغلال كل ذلك الوقت في الاستماع للمحاضرات.
     

  
أما بالنسبة لحاجز اللغة فالأمر لا يمكن تجاوزه إلا بتعلمها، تأمل القنوات العشر التي عرضناها في هذا التقرير وحاول البحث عن قنوات تقدم محتوى عربيا مشابها، للأسف لن تجد الكثير. حاليا، لتعلم العلوم، وأخذ محاضرات مهمة في الموضوعات التي تحبها، يجب أن تتعلم اللغة الإنجليزية وتتقنها، فيما بعد، وخلال السنوات القادمة، يمكن أن نجد محتوى عربيا أكثر قوة، خاصة بعد ثورة معرفية نشهدها حاليا، لكن حتّى تحين تلك اللحظة.. لا توجد حلول أخرى.

لكن الميزة الأكبر لإدارة بعض تلك القنوات في محتواك على يوتيوب هي في استجابة يوتيوب نفسه، بمعنى أن الكائن الذكي اصطناعيا الذي يدير احتياجاتك على يوتيوب يحاول أن يقرأ ميولك عبر اختياراتك، فإن كانت معظم اختياراتك هي مقاطع من مسلسل "Friends" فسوف يقوم بعمل ترشيحات لمقاطع مشابهة، وإذا كانت حدود "المشاهدة" الخاصة بك تقع ضمن نطاق الدقائق الخمس سوف يقترح عليك مقاطع في النطاق نفسه، لذلك فإن الاشتراك في تلك القنوات ومتابعة إشعاراتها سوف يُضفي على تجربتك في يوتيوب جانبا علميا وثقافيا، أولا، وكذلك يُعرّف آلته أنك تحب المحاضرات الطويلة، فيقوم باقتراح مقاطع مماثلة في الطول والموضوع.

حسنا، تسبب الإنترنت في كوارث عدة، انتشرت الأخبار الكاذبة ومع تفشّي وسائل التواصل الاجتماعي ضربتنا موجات من الأنانية والنرجسية، لكن يبقى شيء واحد فقط يقاوم ذلك كله، وهو الإتاحة، هذه القنوات التي اقترحناها لك منذ قليل هي الامتداد السحابي لمؤسسات عريقة كان حضور محاضرة واحدة فيها يوما ما يتطلب أن تسافر إلى لندن أو كاليفورنيا أو فرانكفورت، لكن الآن يمكن لك، بشكل مجاني، تعلم العلوم بسهولة شديدة، لكن فقط يجب أن تكون جديا تجاه رغباتك في التعلم، يجب أن تكون مؤمنا بأن ذلك هو الشيء الوحيد الذي يمكن له أن ينقذك من المستنقع البشري المعاصر.

                                                                         عن موقع الجزيرة بتصرف 
                                                                             شادي عبدالحافظ محرر علوم 

No comments:

Post a Comment